مقالات

سيرة القائم
ولادته ومناقبه
بحوث حول الحجة(عج)
سفرائه ورسائله(عج)
علامات ظهوره(عج)
أدعية الحجة(عج)
دولة القائم المنتظر(عج)

المكتبة

سلسلة بين يدي القائم
سلسلة الدروس الثقافية

وظيفة الأنام في زمن الغيبة

الإمام المهدي(عج)
إنتظار المهدي(عج)
عقيدة الخلاص

المكتبة المرئية

أدعية
زيارات
محاضرات
خواطر

المكتبة الصوتية

أدعية وزيارات
محاضرات
أناشيد

المكتبة الفنية

تصاميم
مخطوطات
اللهم رب النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب البحر المسجور، ومنزل التوراة والإنجيل، ورب الظل والحرور، ومنزل الزبور والقرآن العظيم، ورب الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين، أنت إله من في السماء، وإله من في الأرض، لا إله فيهما غيرك، وأنت جبار من في السماء، وجبار من في الأرض، لا جبار فيهما غيرك، وأنت خالق من في السماء، وخالق من في الأرض، لا خالق فيهما غيرك، اللهم أسألك بوجهك الكريم، وبنور وجهك المنير وملكك القديم، يا حي يا قيوم، أسألك باسمك الذي أشرقت به السماوات والأرضون، وباسمك الذي يصلح به الأولون والآخرون، يا حيا قبل كل حي، ويا حيا بعد كل حي، ويا حيا حين لا حي، ويا محيي الموتى، ويا حيا لا إله إلا أنت، يا حي، يا قيوم، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وارزقني من حيث أحتسب، ومن حيث لا أحتسب رزقا، واسعا، حلالا، طيبا، وأن تفرج عني كل غم، وكل هم وأن تعطيني ما أرجوه، وآمله، إنك على كل شئ قدير
طول عمر الإمام عجل الله فرجه الشريف
تمهيد
هناك العديد من الروايات التي ذكرناها سابقاً تحدَّثت عن طول غيبة الإمام المهديِّ عجل الله فرجه الشريف، حتى يصل إلى مستوى يُشكِّك الكثير من الناس في أصل وجوده أو في بقائه حيَّاً طوال هذه المدّة.

وبعمليّة حسابيّة بسيطة، إذا لاحظنا تاريخ ولادة الإمام المهديِّ عجل الله فرجه الشريف في عام 255 هجريّ، نجد أنَّه عاش حتَّى الآن أكثر من ألف ومائة وخمسين عاماً, فهل يمكن أن يطول عمر إنسان إلى هذا الحدّ؟

طول العمر أمر ممكن
يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون1,فما دمنا نتكلم عن أنَّ الله تعالى أراد للإمام الحجّة عجل الله فرجه الشريف أن يغيب هذه الفترة الطويلة كلَّها فلا مجال للكلام عن عدم إمكانيَّة ذلك أو استحالته، بل الله قادر على ما يريد. وعنه عجل الله فرجه الشريف: "وأمَّا ظهور الفرج فإنَّه إلى الله"2.

نماذج من التاريخ
إنَّ التساؤل عن إمكانيَّة أن يطول عمر الإنسان إلى هذا الحدِّ، والتشكيك بذلك، يمكن أنْ يشعر الإنسان أنَّ طول عمر الإمام هو نموذج أوحد لا مثيل له في التاريخ، وحيث أنَّه لا مثيل له يمكن أنْ يحدث نوعاً من الصدمة أو التشكيك عند ضعاف النفوس، ولكن من المستغرب أنَّ التشكيك يحصل رغم وجود الكثير من النماذج الأكيدة لأشخاص كانت أعمارهم طويلة جداً، وردت في نصوص قرآنية أو في روايات مسلّمة، وسنذكر فيما يلي نموذجين:

نوح عليه السلام
يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُون3، فهذه السنين الطويلة من عمر نبيِّ الله نوح عليه السلام "ألف سنة إلا خمسين عاماً"، هي جزء من عمره قضاها بعد أن أرسله الله تعالى لقومه إلى أن حصل الطوفان، وليس تمام عمره.

فإذا كان نبيُّ الله نوح تستوجب ظروفه أن يحيا هذا العمر كلّه، أفلا يستحقُّ تحقيق الوعد الإلهيّ بالنصر النهائيِّ، وتحقيق العدالة على الأرض، وغلبة جند الله، ورفعة دينه... كل ذلك ألا يستوجب المدَّ في عمر صاحب الزمان ليحقِّق هذا المشروع العظيم على يديه؟!

الخضر عليه السلام
من المعروف أنَّ الخضر عليه السلام من المعمِّرين، وأنَّ عمره تطاول لآلاف السنين، وفي رواية عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام قال: "إنَّ الخضر عليه السلام شرب من ماء الحياة فهو حيٌّ لا يموت حتَّى ينفخ في الصُّور، وإنَّه ليأتينا فَيُسَلِّمْ عليّنا، فَيُسْمَعُ صوته ولا يُرى شخصُه، وإنَّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليُسَلِّمْ عليه، وإنَّه ليحضر الموسم كل سنة، فيقضي جميع المناسك ويقف بعرفة، فيُؤَمِّن على دعاء المؤمنين وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته"4.
 
فالخضر عليه السلام لا زال حيَّاً حتَّى الآن وبالتالي فعمره حتَّى الآن أضعاف عمر الإمام المهديِّ عجل الله فرجه الشريف. وسيبقى حيَّاً حتَّى ينفخ في الصُّور. وتنقل لنا النصوص الشرعيَّة أحداثاً حصلت مع الخضر عليه السلام خلال هذه السنين المتطاولة، كالقصّة التي ينقلها القرآن الكريم عند لقائه لنبيِّ الله موسى عليه السلام، ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا5, وكذلك ورد في الرواية عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام: "لَمَّا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء الخضر عليه السلام فوقف على باب البيت وفيه عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد سُجِيَّ بثوبه فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمَّد ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ6، إنَّ في الله خلفاً من كلِّ هالك، وعزاءً من كلِّ مصيبة، ودركاً من كلِّ فائت، فتوكَّلوا عليه، وثقوا به، وأستغفر الله لي ولكم. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا أخي الخضر عليه السلام جاء يعزِّيكم بنبيِّكم صلى الله عليه وآله وسلم"7.

وتشير الروايات إلى وجود الارتباط الوثيق بين طول عمر الخضر عليه السلام وعمر الإمام المهديِّ عجل الله فرجه الشريف، فعن الإمام جعفر بن محمَّد الصادق عليه السلام أنه قال:
"وأمَّا العبد الصالح الخضر، فإنَّ الله تبارك وتعالى ما طوَّل عمره لنبوَّة قدَّرها له، ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلى، إنّ الله تبارك وتعالى لمَّا كان في سابق علمه أن يقدِّر من عمر القائم ما يقدِّر من عمر الخضر وما قدَّر في أيّام غيبته ما قدَّر وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوَّل عمر العبد الصالح من غير سبب يوجب ذلك إلا لعلَّة الاستدلال به على عمر القائم عجل الله فرجه الشريف، وليقطع بذلك حجَّة المعاندين لئلَّا يكون للناس على الله حجَّة"8.

النتيجة
إنَّ الإيمان بمقام الإمامة وكون الإمام مسدَّداً من قبل الله تعالى يؤدِّي دوره الاستثنائيّ الذي أراده الله تعالى له، الإيمان بذلك لا يجتمع مع التشكيك به بسبب طول العمر أو غيرها من الأمور التي تعتبر عاديَّة بالنسبة للقدرة الإلهيَّة، والسنن التاريخيَّة. والتشكيك ينطلق من الاختلاف في موضوع الإمامة وعدم إيمان شريحة من الناس به. وأمَّا من يتَّبع منهج الإمامة فإنَّه سيجد نفسه في قضية الإمام المهديِّ وطول عمره منسجماً تماماً مع عقيدته وطموحاته وآماله والوعود القرآنيّة التي ينتظر تحقّقها...

* معز الأولياء، سلسلة الدروس الثقافية. نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية. ط: الأولى آب 2009م- 1430هـ. ص: 63-66.


1- يس: 82
2- الشيخ الطوسي، الغيبة، ص 291
3- العنكبوت: 14
4- الميرزا محمَّد تقي الأصفهاني، مكيال المكارم، ج 1، ص 171
5- الكهف: 65-66
6- آل عمران: 185
7- الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص 391
8- الميرزا محمَّد تقي الأصفهاني، مكيال المكارم، ج 1، ص 171