من العلامات الحتمية لظهور الإمام المنتظر عليه السلام خروج السفياني وهو من أعمدة الشر والفساد في الأرض، ولا بد لنا من وقفة قصيرة للحديث عنه.
نسبه
نصت بعض المصادر أن السفياني من نسل خالد بن يزيد حفيد أبي سفيان العدو الأول للرسول وللإسلام.
ملامحه
أما ملامحه فهي: " ضخم الهامة، وبوجهه أثر الجدري وبعينه نكتة بيضاء ".
صفاته النفسية
أما نزعاته، فهي تحمل الشر والإثم والظلم والاعتداء على الناس، فهو إنسان منسوخ، من أقذر من عرفتهم الإنسانية، فإنه إذا ظهر يقتل الصبيان ويبقربطون النساء، ويقتل الأبرياء إلى غير ذلك من ظلمه وموبقاته، ففي حديث للإمام أمير المؤمنين عن السفياني: أعرب فيه عن جرائمه وموبقاته، وما يقترفه من الظلم والجور، قال عليه السلام بعد ما ذكر اسمه: " إنه ملعون في السماء، ملعون في الأرض، أشد خلق الله جورا، وأكثر خلق الله ظلما ".
وذكر عليه السلام أمورا، ثم قال: " ثم يخرج إلى الغوطة فما يبرح حتى يجتمع الناس إليه، ويلحق بهم أهل الضغائن فيكون في خمسين ألفا، ثم يبعث إلى كلب، فيأتيهم منه مثل السيل، ويكون في ذلك الوقت رجال البربر يقاتلون رجال الملك من ولد العباس، وهم الترك، والديلم والعجم راياتهم سوداء، وراية البربر صفراء، وراية السفياني حمراء، فيقتتلون ببطن الوادي في الأردن قتالا شديدا، فيقتل فيما بينهم ستون ألفا، فيغلب السفياني، وأنه ليعدل فيهم حتى يقول القائل: ما كان يقال فيه إلا كذب، والله إنهم لكاذبون، لو يعلمون ما تلقى أمة محمد منه ما قالوا ذلك، فلا يزال يعدل حتى يسير ويعبر الفرات، ثم يرجع إلى دمشق، وقد دان له، فيجيش جيشين: جيشا إلى المدينة وجيشا إلى المشرق، فأما جيش المشرق فيقتلون بالزوراء سبعين ألفا، ويبقرون بطون ثلاثمئة امرأة، ويخرج الجيش من الزوراء إلى الكوفة فيقتل بها خلقا، وأما جيش المدينة " بعد أن يفعلوا بالمدينة ما أحبوا يخرجون منها إلى مكة وإذا توسطوا البيداء صاح بهم صائح وهو جبرائيل فلا يبقى منهم صالح إلا خسف الله تعالى به، ويكون في آخر الجيش رجلان: يقال لهما: بشير فيبشرهم والآخر نذير فيرجع إلى السفياني فيخبره بما نال الجيش عند ذلك، وأنهما أي البشير والنذير من جهينة، ثم يهرب قوم من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بلد الروم فيبعث السفياني إلى ملك الروم: رد إلى عبيدي، فيردهم إليه، فيضرب أعناقهم على الدرج شرق مسجد دمشق فلا ينكر ذلك عليه، ثم يسير في سبعين ألفا نحو العراقين: الكوفة والبصرة، ثم يدور الأمصار، ويحل عرى الإسلام عروة بعد عروة، ويقتل أهل العلم، ويحرق المصاحف، ويخرب المساجد، ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي، والمطامير في الأسواق، والشرب على قوارع الطرق، ويحلل الفواحش، ويحرم عليهم كل ما فرض الله تعالى عليهم من الفرائض، ولا يرتدع عن الظلم والفجور، بل يزداد تمردا وعتوا، ويقتل كل من اسمه أحمد ومحمد، وعلي، وجعفر وحمزة، وحسن، وحسين، وفاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وخديجة، وعاتكة حنقا وبغضا لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم يبعث فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فنحن ما آذيناك، فيأخذ اثنين اسمهما حسن وحسين فيصلبهما، ثم يسير إلى الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال، ويصلب على باب مسجدها طفلين: اسمهما حسن وحسين، فيغلي دماءهما كما غلى دم يحيى بن زكريا، فإذا رأى ذلك أيقن بالبلاء والهلاك، فيخرج منها متوجها إلى الشام فلا يرى في طريقه أحدا يخالفه، فإذا دخل دمشق، اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك، ويخرج السفياني وبيده حربة، فيأخذ المرأة فيدفعها إلى بعض أصحابه، فيقول: أفجر بها، وسط الطريق ويبقر بطنها، فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك، فتضطرب الملائكة في السماء، فيأمر الله عز وجل جبرائيل عليه السلام فيصيح على سور دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الفرج وهو المهدي خارج مكة فأجيبوه ".
وذكر الإمام علي أوصاف الإمام المهدي عليه السلام، وأوصاف أصحابه وعددهم، وأوصاف السيد الحسني الذي يبايع الإمام هو وأصحابه بعد ما يرون الكرامة والمعجزة منه، وأضاف الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعد ذلك قائلا: " وتقع الضجة في الشام ألا إن أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم، فيقول السفياني لأصحابه، ما تقولون في هؤلاء القوم ؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وإبل، ونحن أصحاب القوة والسلاح، أخرج بنا إليهم، فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه، فلا يزالون حتى يخرجون فيخرج بخيله ورجله بمئتي ألف وستين ألفا حتى ينزلوا بحيرة طبرية، فيسير المهدي، لا يحدث في بلد حادثة إلا الأمن والإيمان والبشرى، عن يمينه جبرائيل، وعن يساره ميكائيل، والناس يلحقونهم من الآفاق، حتى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية، ويغضب الله تعالى على السفياني وجيشه، ويغضب سائر خلقه عليهم حتى الطير في السماء، فترميهم بأجنحتها، وإن الجبال ترميهم بصخورها، فتكون وقعة يهلك الله عز وجل فيها جيش السفياني، ويمضي هاربا، فيأخذه رجل من الموالي اسمه صباح، فيأتي به إلى المهدي عليه السلام وهو يصلي العشاء الآخرة فيبشره فيخفف في صلاته ويخرج، ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه ويسحب، فيوقفه بين يديه، فيقول السفياني للمهدي يا بن العم مُنَّ علي بالحياة أكون لك سيفا بين يديك، أجاهد أعداءك، والمهدي جالس بين أصحابه، فيقول: خذوه، فيقول أصحاب المهدي: يا بن بنت رسول الله تَمُنُّ عليه بالحياة وقد قتل أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله، فيقول: شأنكم وإياه، وقد كان خلاه فيلحقه صباح في جماعة إلى عند السدرة فيضجعه ويذبحه، ويأتي برأسه إلى المهدي، فتنظر شيعته إلى الرأس فيهللون ويكبرون، ويحمدون الله على ذلك، ثم يأمر المهدي بدفنه " .
مدة حكمه
أما مدة حكم السفياني، وتمرده وظلمه، فهي ثمانية أشهر، ففي هذه المدة القصيرة يشيع الإرهاب، ويقتل الأبرياء، وفي أيامه يخرج أمل المستضعفين، مهدي آل محمد عليه السلام.
* حياة الإمام المنتظر المصلح الأعظم-دراسة وتحليل-، الشيخ باقر شريف القرشي، دار جواد الأئمة، ط1، بيروت/لبنان، 1429هـ / 2008 م، ص311-316.
|