وتولى محمد بن عثمان بعد وفاة أبيه شرف النيابة عن الإمام المنتظر عليه السلام، فقد كان من ثقات الشيعة ومن أعلامهم المبرزين في العلم والتقوى، وكان كأبيه موضع ثقة الجميع، وكانت حقوق الشيعة واستفتاءاتهم ترد على يده، وهو بدوره يرفعها إلى الإمام عليه السلام فيجيبهم عنها، ونتحدث بإيجاز عن بعض شؤونه.
وثاقته وعدالته:
وأجمع المترجمون لمحمد بن عثمان على وثاقته وعدالته، وأن له منزلة جليلة، ومكانة معظمة عند الشيعة ويكفيه فخراً أنه تولى النيابة عن الإمام الحجة عليه السلام في حياة أبيه وبعد وفاته، وقد خرج التوقيع من الإمام المنتظر عليه السلام في سمو منزلته، وهذه صورته: " وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن أبيه من قبل فإنه ثقتي وكتابه كتابي ".
وقد سئل الإمام الحسن العسكري عن عثمان العمري، فقال عليه السلام: " العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما، وأطعهما، فإنهما الثقتان المأمونان " .
وكان من عظيم منزلته وسمو شأنه عند الإمام المنتظر عليه السلام أنه كتب في حقه إلى محمد بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي ما نصه: " لم يزل - أي محمد - ثقتنا في حياة الأب رضي الله عنه، وأرضاه، ونضر وجهه، يجري عندنا مجراه، ويسد مسده، وعن أمرنا يأمر الابن، وبه يعمل، تولاه الله فانته إلى قوله ".
التقاؤه بالإمام عليه السلام في الكعبة:
وحجَّ محمد بن عثمان بيت الله الحرام، فتشرف برؤية الإمام المنتظر عليه السلام، وقد رآه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار، وهو يقول: " اللهم انتقم بي من أعدائك.... اللهم أنجز لي ما وعدتني ".
ويروي محمد أن الإمام عليه السلام يحج في كل سنة، قال: " والله إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه ".
مؤلفاته:
ألَّف محمد بن عثمان مجموعة من الكتب في الفقه والحديث التي سمعها من الإمامين الحسن والمنتظر عليهما السلام ومن أبيه عثمان بن سعيد، وهو ما سمعه من الإمامين، وذكرت أم كلثوم بنت أبي جعفر أن كتبه وصلت إلى أبي الحسين بن روح.
نيابته عن الإمام عليه السلام:
وأقام محمد خمسين سنة يتولى شرف شؤون النيابة العامة والوكالة المطلقة عن الإمام المنتظر عليه السلام، وكانت الشيعة تحمل إليه الحقوق الشرعية ليوصلها إلى الإمام عليه السلام، كما كانوا يبعثون على يده المسائل الشرعية فيجيبهم الإمام عليه السلام عنها.
وفاته:
كان أبو جعفر محمد بن عثمان على جانب كبير من الإيمان والتقوى وقد شعر بملاقاة الله تعالى فحفر له قبرا وجعل ينزل فيه ويقرأ فيه جزء من القرآن الكريم كما صنع لوحا كتب فيه آيات من القرآن وأسماء الأئمة الطاهرين وأوصى أن يدفن معه ولم يمض قليل من الزمن حتى ألمت به الأمراض واشتدت به العلل حتى سعدت روحه إلى الله تعالى كأسمى روح مؤمنة ارتفعت إلى الله في ذلك العصر، وكانت وفاته في آخر جمادى الأولى سنة 305 ه.
* حياة الإمام المنتظر المصلح الأعظم-دراسة وتحليل-، الشيخ باقر شريف القرشي، دار جواد الأئمة، ط1، بيروت/لبنان، 1429هـ / 2008 م، ص143-145.
|