وحملت السيدة حكيمة الوليد العظيم إلى أبيه الإمام الحسن العسكري عليه السلام، فاستقبله بمزيد من الابتهاج والسرور، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، فكان أول صوت يخترق سمعه.
"الله أكبر".
"لا إله إلا الله".
لقد غذاه بهذه الكلمات التي هي سر الوجود وأنشودة الأنبياء، وقد ملأت قلبه، وسرت في عواطفه ومشاعره، ونطق الوليد كما نطق قبله عيسى بن مريم نطق عليه السلام بالآية الكريمة:
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾.
لقد ولد ولي الله وحجته على عباده بهذه الصورة من الخفاء والكتمان خوفا عليه من السلطة العاتية، التي كانت تراقبه كأشد ما تكون المراقبة لتقضي عليه.
وتناولت السيدة حكيمة الوليد المبارك فقبلته وقالت: "شممت منه رائحة طيبة ما شممت قط أطيب منها"، وأخذه الإمام من يدها ثانية وقال:
"أستودعك الذي استودع أم موسى، كن في دعة الله وستره وكنفه، وجواره..".
وخاطب الإمام عمته قائلا:
"رديه إلى أمه، واكتمي خبر هذا المولود، ولا تخبري به أحدا حتى يبلغ الكتاب أجله".
إطعام عام
وأمر الإمام الحسن الزكي عليه السلام بعد ولادة وليده المبارك بشراء كميات كثيرة من اللحم والخبز، فوزعت على فقراء سامراء. كما عق عنه بسبعين كبشا، وبعث بأربعة منها إلى صاحبه إبراهيم، وكتب إليه بعد البسملة:
"هذه عن ابني محمد المهدي، كُل منها، وأطعم من وجدت من شيعتنا".
* حياة الإمام المنتظر المصلح الأعظم-دراسة وتحليل-، الشيخ باقر شريف القرشي، دار جواد الأئمة، ط1، بيروت/لبنان، 1429هـ / 2008 م، ص28-29.
|